يحررها حمدي حمودي

يحررها حمدي حمودي

الاثنين، 10 ديسمبر 2018

الاحداث في باريس"صناعة الآخر"

العالم الرقمي أو المعلوماتية هي من يقود دفة سفينة صناعة الرأي اليوم
وليست المعرفة، فالمعرفة تتشكل من شقين هما المعلومات والخبرة، فغياب
الاهتمام بتراكم الخبرة والتجربة فتح المجال مصراعيه للمعلوماتية كي
تكتسح المشهد.
تطبيقات ذلك نجده لا الحصر في "حركة النجوم الخمس" التي تحكم ايطاليا وفازت
في الانتخابات التشريعية في فبراير 2013، حيث حصدت الحركة 109 مقعدًا في
مجلس النواب و54 في مجلس الشيوخ.
أنه ليس حزبًا بل "حركة"، ولا يمكن تصنيفه في تصنيفات الاتجاه السياسي
اليمينية أو اليسارية،فالتنظيم ظاهرة سياسية كانت لا تملك مقرا ولا مكاتب
بل على جهاز الكومبيوتر والهاتف.
ونفس السلاح الذي يذبح الرئيس الفرنسي ماكرون اليوم، هو الذي فاز به امس
دون ان يكون له جزبا سياسيا وانما عمل على تحريك الراي من خلال الصورة
والصوت والكتابة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي, فالاديولوجيات
والاحزاب التقليدية والقنوات الحكومية والقنوات الخاصة الغير موثوقة لم
يعد لها مكانا كما كان.
العالم يتخلى تدريجيا عن العمق لم يعد هناك وقت للغطس، لذلك نجد في كثير
من الاحيان من يتصدرون المشهد هم السطحيون من امثال ترامب.
ودون أن أطيل ففي ظرف أيام لولا القوة لاحرق الايليزي.
أن السياسيين الفرنسيين إستطاعوا ان يحصلوا على نصر مؤقت، ولكنه وهميا،
حيث حولوا المشكل الى صراع من أجل الامن ضد المخربين، ونجحوا في تكوين
وصناعة "الآخر" الذي هو "المخرب المندس"، الذي جيشوا له "89000" عسكري.
لقد أكدوا انهم خسروا كسياسيين المعركة تماما حين ما عمدوا الى حمل العصا
على رأس الشعب ووضعوا أيدي الاطفال على رؤوسهم واجلسوهم على الركب في
وضعيات تستخدم قبل قطع الرؤوس.
دون روح الاقناع والحجة والعلاج بالفكرة، قد فشل ماكرون وحكومته فشلا
ذريعا، وهو يتراشق مع هولاند الاتهامات في من اوصل البلاد الى النفق
المظلم، الذي حول باريس الى مدينة خراب.
ان صناعة "الآخر" "الارهابي" أو "المهاجر" ليست الحل وكانت تغريدة
اوردوكان تكشف الحقيقة حين قال "ان جدران الامن والرفاهية التي تغنوا بها
بدات تتزعزع على يد مواطنيهم بالذات وليس من قبل اللاجئين المسلمين".
وكان رد المانيا على فرنسا حين احتجت على المهاجرين، ان المانيا استقبلت
اكبر عدد من المهاجرين حتى أن أنغيلا دوروتيا ميركل لقبت بأم المهاجرين
وازداد الاقتصاد الالماني في الصعود، ان المشكل يكمن في السياسات.
ان الطبقات الثرية في فرنسا تتحمل كل المسؤولية في خلفية الاحداث حيث
انها هي من تقوم بوضع تلك الضرائب المجحفة لصالح شركاتهم واملاكهم التي
اعمتهم ففي الابراج العالية لا يمكن رؤية ما يدور في الشارع ولا سماعه.
تلك الطبقات السياسية الفرنسية التي لا تزال تعشش في رأسها السياسات
الاستعمارية تطبيقاتها في دول افريقيا تتصدر المشهد ولكن بهذه الحركات
الاجتماعية قد يكون ذلك بداية فقدانها تلك القوة، تلك الطبقات التي لا
تؤمن بالمبادئ ولا الأيديولوجيات نراها في شخصيات اسبانية فقد يتحول
"كونزالس" من اشتراكي يساري الى يميني وارستقراطي ثري دون مشكل، ان هذه
الحركة في باريس قد تكون بداية اكتشاف لسبل جديدة للحد من غطرسة الطبقة،
والتوقف عن ضخ المال الى جيوبها بل طريقة لحلبها في مصلحة الدولة والشعب
الذي تتغذى عليه.
العلاقة بين السياسيين واصحاب الشركات الكبرى الذين هم جزء منها او
يعملون لصالحها، كشفت جزء منها الضرائب تلك العلاقة التي يحيطها الكثير
من الحيطة دون اظهارها شفافة للشعب, فذلك المجهول يولد الريب والشك
والانسان عدو ما يجهل وهو ما يقود الى الكراهية.وهو ما عبر عنه المحتجون
كره الرئيس كرمز بل كل الرموز المنتخبون فطالبوا باستقالته وحل الجمعية
الوطنية ، انه البناء بكامله الذي يريد سرقة المكاسب الاجتماعية
للجمهورية الفرنسية التي كسبته عبر عقود من النضال والشقاء والتضحيات.
.......................................................................
النجوم الخمس: إشارة إلى خمس قضايا رئيسية هي: المياه العامة والنقل
المستدام والتطوير والاتصالية وحماية البيئة

الخميس، 6 ديسمبر 2018

المغرب عناد في جنيف وتودد في نواكشوط…‎

في خبرية مقتضبة قرأنا أمس في الوكالة الموريتانية للأنباء ” حرص مساعد وزير الخارجية الأمريكي، بخصوص الطاولة المستديرة بجنيف، على التذكير بدعم الولايات المتحدة الأمريكية لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ولكل مبادرة تستهدف حل قضية الصحراء الغربية متمنيا أن يتم عاجلا التوصل إلى نهاية سعيدة لهذه القضية”، تباعا وصل وزير الخارجية الفرنسي وقبله رئيس الحكومة المغربية الى نواكشوط في اطار تجمع الساحل التي ستجتمع في نواكشوط وهي المكونة من كل من “موريتانيا، ومالي، وتشاد وبوكينا فاسو، والنيجر” وان كان الحضور الفرنسي والمملكة السعودية كمانحين في تمويل جيوش دول الساحل والصحراء له ما يبرره فإن رئيس الحكومة المغربي ربما جاء على هامش الضغط على الراي الموريتاني تزامنا مع محادثات جنيف، حيث أنه ” يشكل تهريب المخدرات والتجارة بالبشر واحدا من التحديات الأمنية المطروحة وان ظلت أنشطة التنظيمات المسلحة والجريمة المنظمة العابرة للحدود تشكل مجتمعة أكبر التحديات التي تواجهها منطقة الساحل” ونحن نعرف أن المملكة المغربية هي أكبر منتج للمخدرات والكل يعرف أن هناك الكثير من العمليات التي تم توقيفها من الجمرك الموريتاني قادمة من نقطة المرور من الجزء المحتل من الصحراء الغربية بعد مروره على “الجمارك المغربية”؟ إضافة الى ما تقوم به قوات الجيش الصحراوي في مطاردات مستمرة لسيارات معبأة من المخدرات تمر من جدار العار المغربي الذي به الجيش المغربي وحتى انه تم القبض على المهربين من الثغرات التي تمر من الجدار المغربي، أما تهريبها نحو الجزائرفحدث ولا حرج فرغم كل المجهودات لا يخلو يوم دون ان يتم القبض على كميات مهربة من الحدود المغربية الجزائرية بعضها بالأطنان.
كما ان صحف فرنسية بدأت تتحدث عن العلاقات بين السنغال وموريتانيا وقدوم الرئيس السنغالي لدشين الحجر الأساس لمشروع تمرير الغاز المتوقف بسبب سوء العلاقات، وتحاول فرنسا تحريك محورها باريس-الرباط-السنغال، الذي خرجت موريتانيا بحكمة من كماشة ضغوطه، بتلك الاتفاقيات والتكتلات مع دول الساحل ومع الاتحاد الافريقي والعالم العربي وحتى بفتح طريق بري كبدائل وممر أمان مع الجزائر بطريق تيندوف-ازويرات في محاولات حثيثة لفك الضغوط على القرار السيادي الموريتاني والتمهيد الفعلي للمغرب العربي الذي عارضته فرنسا وهددت الرباط مرارا الجارتين من عواقب فتحه حتى ان فرنسا حذرت رعاياها من المرور عبره.
في نفس الوقت طورت موريتانيا اساليبها في احتضان القمة العربية التي اعتذر عنها المغرب والقمة الافريقية وغيرها، لتتمكن موريتانيا من أن تكون اللبان الذي يعطر الأجواء والملاط الذي يرص البناء وظل الرأي الموريتاني متمسكا بحل القضايا بالطرق السلمية، وفي إطار القرارات الأممية والمبادئ الدولية التي منها حق الشعوب في تقرير مصيرها واحترام الحدود الموروثة عن الاستعمار الذي لا زالت ترفضه الرباط ويعتبر الى اليوم ان موريتانيا ليست الا قطعة من “المغرب الكبير” ونحن لا نعرف من كان جزء مِن مَن.
ولم تتنازل موريتانيا ابدا عن التأكيد على الروابط القوية مع كل الجيران وخاصة مع الشعب الصحراوي، وكانت الزيارة التي قام بها الرئيس الصحراوي لموريتانيا على هامش القمة الأفريقية تبين بوضوح عمق تلك الوشائج.
كما ان الحراك المصاحب للمفاوضات القادمة بدأت عدواه تنتشر الى جس النبض من الالمان أنفسهم حيث “أجرت وزيرة التجارة والصناعة والسياحة السيدة خديجة أمبارك فال زوال يوم الاربعاء بمكتبها في نواكشوط مباحثات مع سعادة السيدة غابرييلا ليندا غيليل سفيرة جمهورية المانيا الاتحادية المعتمدة لدى موريتانيا”و هو له علاقة بالمفاوضات التي يقودها الممثل الخاص الاممي الالماني كولر.
وتناول اللقاء علاقات التعاون القائم بين البلدين وسبل تعزيزه وتطويره.
وتعيش القضية الصحراوية حراكا كبيرا في الاعلام عبر العالم وفي جنيف بالذات توافدت القنوات والصحف العالمية لتغطية الحدث التاريخي، غير أن رحى المستعمرين تدور في نواكشوط اليوم، وتحاول تلك القوى فك الحصار عن المفاوض المغربي، من خلال فرض اجندة ما على المراقب الموريتاني، غير أن التصريحات المتتالية من السياسيين الكبار الموريتانيين لم تتزحزح قيد أنملة وتدري جيدا ما ذا تقول وما هي تكتيكات المحاور المختلفة.
قيام دولة صحراوية مستقلة في الصحراء الغربية لم ولن تكون الا خيرا على المنطقة المغاربية كما هي لمدة اكثر من 30 سنة في افريقيا ولديها علاقات طيبة مع كل الدول التي تعترف بها وقد اعلن الشعب الصحراوي عنها 1976 ولم يجد العالم من العنصر الصحراوي الا الوفاء والخير والبركة والتوجه الصحيح نحو العالم بعقل منفتح على المستقبل دولة تحترم حدودها وتعهداتها وظلت العلاقات التاريخية مع الجارة الموريتانية سمن على عسل وصمام أمان ضد عقلية التوسع والاستعمار في القارة السمراء وشعوبها التواقة الى الحرية والاستقلال والعيش بسلام وأمان.
الحراك التمهيدي لحل القضية الصحراوية أمل كل شعوب المنطقة، غير أنه ضد من يريد أن تبقى افريقيا عاجزة وضعيفة والمغرب العربي والعالم العربي حتى يتمكن من السيطرة عليها وبالتالي نهب خيراتها واستغلالها واستعمارها، وهو ديدن محور الشر الذي لا تزال فرنسا او قل الطبقة السياسية في فرنسا تحاول فرضه بالمناورات والخداع، تلك الطبقة المتكبرة التي حتى ممارساتها مستمرة حتى على الشعوب الفرنسية نفسها بفرض الضرائب لصالح الشركات الكبرى، لكنها شعوب واعية رفضت الضغوط ورفضت الاملاءات وفرضت إرادتها، فإرادة الشعوب لا تقهر.
ستظل موريتانيا مهمة ما دامت متمسكة بنهج تقوية ذاتها وقدرتها على الإمساك بقرارها السياسي وسيادتها عليه دون الرضوخ للإملاءات والضغوط ولن يكون ذلك إلا باستنادها الى مرجعيتها القارية ومحيطها الإقليمي وستبقى لها الكلمة المسموعة، وتؤمن موريتانيا بأن قرارات الأمم المتحدة التي تصب في تقرير مصير الشعب الصحراوي وحده من سيؤمن الحل العادل والنهائي للقضية الصحراوية وهو المدخل الصحيح للمغرب العربي الكبير مغرب الشعوب وليس الأنظمة والمماليك.
ثبات موريتانيا ورؤيتها الواضحة هي التي جعلت سعد الدين العثماني يصرح اليوم من نواكشوط قائلا “إن بلاده حريصة على تطوير العلاقة مع موريتانيا إلى أقصى حد ممكن” كالحمل الوديع لينتهي مؤقتا التهديد باجتياح لكويرة فسبحان مغير الأحوال بين غمضة عين وانتباهتها.

الأحد، 2 ديسمبر 2018

وجهة نظر. " تسريع حل القضية الصحراوية ربما لم يعد خيارا بل ستفرض تسريعه تغيرات موازين القوى الجارية ..."



بخروج بريطانيا النهائي من الاتحاد الأوروبي واصرار الاتحاد على تعسير الخروج يبين بجلاء حكم الاتحاد الاوروبي على ان المملكة البريطانية ستكون غريما جافيا لا صديقا متعاونا.
وستعمل المملكة مستقبلا على أن يدفع الاتحاد ثمن ذلك الخروج المهين الذي بدأ بتغريم بريطانيا ضريبة الخروج الكبيرة أكثر من 55 مليار أورو على دفعات وسد الابواب بمسودة سوداء من الشروط المجحفة المعجٍّزة والتي أدت الى استقالة 4 وزراء بريطانيين حتى الآن..
قوانين الطبيعة تقول لا بد لكل فعل من ردة فعل تعاكسه في الشدة والاتجاه كي تستقر الامور.
وردة الفعل البريطانية ستتجسد على ارض الواقع حسب ما نعتقد في الصراع على مناطق النفوذ والثروات والتي ستكون ملعبا لنزاعات جديدة وصراعات بين بريطانيا واكبر دولة تستحوذ على المستعمرات فرنسا "الغريم التقليدي" التي فقدت جزءا من قوتها التي تستند أساسا على قوة الاتحاد الاوروبي أمام ديناصورات أخرى كالصين والولايات المتحدة اللتين ستقترب منهما بريطانيا كما كانت سابقا إضافة الى السوق الهندي الضخم وجيرانه اين زرعت بريطانيا لغتها وثقافتها والذي يعج بالعدد الأكبر من البشر على الكرة الأرضية خاصة بعد تحررها من قوانين الاتحاد الأوروبي وأغلاله حيث يتوقع الساسة البريطانيين على انطلاقة سريعة في التنمية والتطور.
ونتوقع أن تكون مناطق النزاع الافريقية التي لم تحسم احدها، وأعني الصحراء الغربية، خاصة اذا عرفنا ان اغلب الداعمين للدولة الصحراوية في افريقيا هي الدول التي لها علاقات خاصة مع بريطانيا التي تؤمن بقرارات حق تقرير المصير والاستفتاءات وغيرها وعلى رأسها جنوب إفريقيا وهي تنتمي الى مجموعة الكومنويلث التي من اهم مبادئها "الترويج للديموقراطية والحكم الصالح، واحترام حقوق الإنسان وحكم القانون، وتنمية اقتصادية واجتماعية المستمرة".
إن القلاقل التي تجتاح فرنسا باستمرار وتماسها المباشر مع الهجرة سيكون له تأثير كبير في تغيير المعادلة التي كان يوازنها المثقال البريطاني الذي سيوضع في الاتجاه المضاد أي في الكفة الأخرى للميزان.
ولا يخفى أن زيارة ماكرون الاولى لألمانيا حين تم تعيينه تبين مدى الخوف الذي يعتري الطبقة الحاكمة في فرنسا من فقدان قوتها التي تعتمد الآن على حماية ألمانيا كأكبر قوة اقتصادية تلك الحماية التي لا شك أنها لن تبقى بلا ثمن، خاصة ان فرنسا تملك الثمن وهو المستعمرات الأفريقية التي لن تستميت المانيا معها مدافعة ان لم تجد نصيبا.
وعبر التاريخ ظل امتلاك القوة واختلال الموازين فيها يعتبر أهم الأسباب التي أدت الى الحروب العالمية السابقة والتي نجدها مستمرة الآن في المشرق العربي.
إن القضية الصحراوية والارض الصحراوية لأول مرة تدخل الى عمق البيت الاوروبي وتدار المفاوضات في عقر داره الكبيرة وبإشراف من المبعوث الاوروبي الالماني والامين العام الأوروبي البرتغالي.
نتوقع تسريع الحل لكن على حساب من يسمع لفرنسا والاتحاد الاوروبي ومن يجلس في ظل شجرتهما وهو النظام المخزني (المحمية الفرنسية التي لا تبخلها الطبقة السياسية الفرنسية من الاشهار في الصفوف الاولى كما حصل أخيرا في الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى التي اقيمت في باريس ولو أن السحر انقلب على الساحر حيث نام الملك في وقت خطاب الرئيس الفرنسي بالذات وصار محل سخرية وسائل الاعلام وساسة العالم) ...!!!
نتوقع حلا قبل ان يحلق وينشب الصقر البريطاني مخالبة في جثة الديك الفرنسي ينازعه الطرائد...
ويبقى هذا جزء من الكثير من المتغيرات التي تساعد في تسريع حسم الصراع واحد مستوياته...
وليست عدالة وحق الشعب الصحراوي في حريته واعتراف العالم به بما فيه الاتحاد الأوروبي، وحده الحاسم، ولا حق القوة الذي بدأه الغزو المغربي بلغة النار والحديد، بل الكثير من المتغيرات التي منها التبدلات في الخريطة العالمية التي ستبدأ بتكتلات جديدة سيكون لها الاثر الكبير على خريطة العالم الجديدة والتي يصعب التنبؤ بها وان كانت تلوح بعض مقدماتها ومعالمها.

مجلة النجم

  مجلة النجم