يحررها حمدي حمودي

يحررها حمدي حمودي

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2022

حديث في الثقافة...

على المغاربة أن يكسروا كل الكؤوس الصغيرة، التي تتخذ لشرب الشاي في الصحراء الغربية، وفي كل طريق عليهم تعليق لافتة تمنع حمل "الكؤوس الصغيرة" التي تميز الشاي الصحراوي عن غيره.

عليهم أن ينصبوا لافتة، تشبه لافتات "ممنوع بناء الخيم" التي تمنع نصب الخيم في الصحراء الغربية المحتلة، بعد انتفاضة أكديم إزيك التاريخية، ومخيمها الأسطوري، والتي لا تزال فوانيس تلك الخيم "مجموعة كديم إزيك"، تضيء كل السجون المغربية وترفض الإنطفاء، لقد شتتوا الرفاق حينما أحسوا أن نورهم مجتمعين أضاء الكون ولكن توزيعهم كبر اتساع مساحة النور، وشكل فتل حبال الشبكة النورانية التي تشبه في قوتها حبال الشباك التي تصيد حيتان محيطنا العملاقة وحبال الخيمة التي تربط الشبان الأوتاد.
الملك المغربي الذي ظهر يعاقر في كأس كبيرة خمرا، سكيرا يتمايل بين مرافقيه وحراسه في باريس، سيسقط نظام المخزن كأقزام صغيرة في قعر "كأس الواخ"، ذلك الكأس الذي لم ولن يتخل عنه الصحراويون رغم إغراءات كل أنواع الكؤوس الصقيلة اللامعة المزوقة المنمقة.
لقد شوهد رفيقا لصيقا بالمقاتلين في جبهات القتال، ومؤنسا مع كل السجناء في سجون الاحتلال، وسفيرا يجوب العالم من شرقه الى غربه في كل سفارات الجمهورية وكل تمثيليات الجبهة، في كل خيمة صحراوية يصطف مع كل الكؤوس أشباهه وتوائمه، ككل أبناء الوطن.
يخاف الظلام من نوره اللامع الذي يغازل شمس الوطن قرب شاطئ الداخلة الجميل، ويرتعش المحتل من ضوء شمعة يعكس نورها عند أفيم الواد تطيل الظلال وتلمع وجوه الثوار القادمين من المناطق المحتلة، وهم يستمعون لأغاني الثوار وبلاغات جيش التحرير.
وفي كل المناطق المحتلة وكل الشتات يتربع في قلب كل بيت صحراوي ببهاء وفخر.
رمز صغير من أدوات الثقافة الصحراوية، أدوات الشاي الصحراوي، الذي يميزنا عن بقية العالم بل يضاف فن الشاي الصحراوي الى إبداعات الإنسانية.
إن بعض الحيثيات والأشياء الصغيرة، تشبه النقاط السوداء في قطع الدومينو، تكمل بعضها الآخر، خسارة نقطة واحدة توقف اللعب وزيادة أخرى دخيلة تؤدي الى نفس النتيجة.
إنها الأشياء الصغيرة المهمة، التي تبقى كبيرة حينما نحتاجها، لأنها تنتفخ داخلنا، وتكون الفراغ الذي يوسع عقولنا نحن أهل الصحراء الذين ألفنا أن نملأ الفراغ لا أن يملأنا.
إن الكنوز كثيرة في الموروث الشعبي الصحراوي، تحتاج الى النبش عنها بل اتخاذها كسلاح، فالثقافة الشعبية هي الروح وهي العقل وهي ميراث الأجداد الذين تركوا لنا أحزمة للأمان واسعة فضفاضة، كسراويلنا الواسعة التي تربط برباط جلد قوي، لا قطعة قماش ضيقة مربوطة بزر وحيد بئيس ينكسر في أول جولة.
لا يمكن إلا أن نفهم أن الكأس الصغير الذي نشرب فيه الشاي تداوينا من قطرات حملها ضد البرد.
وكم حمل ذلك الكأس الصغير، الفضل الكبير، فهل هناك أثمن، من حليب المرضع لوليد أمه لم تدر ثدييها الحليب، ليكون للكأس فضل ربط حبل الأخوة للولد مع أخيه والأمومة للأم.
لا يمكن للعدو ان يكسر كل الكؤوس الصحراوية فستتحول كل المدن الصحراوية الى مرايا كبيرة تحته تكشف كل ما لا نود ذكره للعالم، بل سيتحول كل كأس الى سكين وخنجر وسيف بتار في يد الثوار.

الأحد، 20 نوفمبر 2022

حكاية الشاي الصحراوي...



ما ذا نحكي عن الشاي الصحراوي؟
ما ذا نحكي عن منبر الحكاية، ومنصتها وطاولتها المستديرة؟
ما ذا نحكي عن الشّاي الصحراوي؟
مربض الخيل الأصيلة، أين تتهامس فيما بينها، وتحكي رحلة الجري الحرّ، بالفارس الممتطي صهوتها، في براري تيرس الحرّة،
ووديان أدرار سطف وزمّور بظلالها الوافرة خيراً ونعماً.
ما ذا نحكي عن عظْمَة الكأسِ:
التي ترفض اللّون، وتعرض عن الزّخرفة، وتأبى اللّين والمرونة، بل ترضى الشّفافية، وتقبل القوة والصّلابة.
ربما اختاره الأجداد ليقدم الدّرس الذي يتكرر دائماً في الموروث الصّحراوي، أن جمال الرّوح والأصالة مقبول
في كلّ مكان وكلّ زمان ولا يحتاج الى زخارف ولا إلى أحجام ولا مقاييس.
يريد أن يؤكد أن من يصنع الجمال ويتقبله هم نحن وأنه ما دام يؤدي دوره كاملا، مشبعا ثقافتنا وتميزنا فلا يمكن التخلي عنه.
لقد اختار الكأس أن يكون ملكا حرا كأهله، لمجتمع بلا طبقات ولا أمراء ولا ملوك.
لا مفاخرات ولا تباهي أن يكون ابن كل خيمة صحراوية موافقا تماما لروح العدالة والإنصاف والتساوي التي ظلت
من خيارات ومقاصد شعبنا الكبرى وأسلوب عيشه وطرق حياته.
لا كأسا طويلة ولا قصيرة، ولا عريضة ولا كبيرة ولا صغيرة.
نفس الحجم ونفس المقاس، تود أن تولد، كحبة الرمل، وضوء الشمس، ونور القمر وكقطرة المطر، ككل ليل ونهار تعاقب، وكل قدر.
أما حين يحل كأسا كبيرا أو صغيرا، فسيعزل بعيدا، ولا يحبذ الشرب فيه. ككل عادة غريبة وكل دخيل أو كل محتل.
لقد اختار أن يكون من يفهمه هم نحن ونحن فقط من نرى جماله ونعرف أسراره وحبه الدفين فينا.
الكؤوس الصحراوية لا حدود لعددها، فالعبرة لم تكن يوما في العدد لدينا، جميعا تؤدي بإخلاص دورها المنوط بها.
ما أكثر تلك الإيحاءات والمعاني المطمورة في عناصر وأدوات المعيشة عندنا، وما أشبهها بالحجرات والعيدان المصطفة
للعبة "ظامة أربعين" التي تمثل جيشا من المقاتلين لا تمييز بينها ولا خذال تؤدي دورها أينما دفعها القدر في الوسط أو في الحواف.
قد تنكسر الكأس ولكن يتم تعويضها بفارس جديد بنفس الروح ونفس البريق ورغم الحزن في فقدان فارس فلا تنتهي اللعبة إلا بموتها جميعا.
فإن كانت الأبعاد الكاملة هي ثلاث طول وعرض وارتفاع فإن الشاي يقدم بتلك الجرعات.
إنه يتخذ كمقياس للبيع والشراء للأشياء الثمينة وكأنه ميزان المجتمع الصحراوي.
يتعدى الكأس كل حدود ويستعمل للأدوية وكمقياس للسوائل وحجمه الثابت أصبح معيارا موثوقا ولا بد أن يكون متداولا.
لا يمكن اختزال الشايّ الصحراوي في أنه مجرد شراب بل هو روح الضيافة ومثل الكرم الصحراوي سيظل يقدم ساخنا.


الجمعة، 29 يوليو 2022

قمة الأسى...

 في قمة الأسى، حينما تُغلق المعابرُ، وتسد الطرقات، ويبزغ الفجر رتيبا بائسا، وتغيب الشمس كئيبة حزينة، وتبقى صفحة الليلة المرصعة بالنجوم لا تلفت الانتباه ولا تعيرها العين بالا، حينما يستوى الليل بالنهار، ويمضي كل يوم توأما لأخيه وشبها له يلبس نفس الثوب وينتعل نفس الحذاء ويقص نفس قصة الشعر.

حينما لا يكون هناك فرقا بين الامس وغده، حينما لا ندم على يوم أنقضى ولا شوق ليوم قادم. حينما ترعى الشهور  كقطيع من نفس السلالة في نفس المرعى ونفس المسار.

موج يضرب وحيدا صخور شاطئ مهجور، ورياح تعوي على الكثبان حتى تبح ،تمر الغيوم بيضاء لا تنز أو ترشح إلا ما ينز عن الجرح الموبوء، قليلا من الصديد والقيح المقزز.

حينما تكون صفحة الليلة سوداء كحلاء وصفحة النهار بيضاء ناصعة، لا لون ولا حس في السماء ، لا طير يحوم ولا حتى غراب وحيد ينعق.

حينما تكون الحياة أقرب الى الموت، وشجرات الطلح بينها ما بين الأخوة المتجافية وريقاتها الصغيرة تكاد تكون لها خضرة وشوكها الأبيض شاخ وأسودّ.

  

الصحراء الغربية

الصحراء الغربية

الأحد، 22 مايو 2022

رياح الصحراء

 بالأمس ككل الشعوب كنا نطالب بالنقد وبكلمة مُجامِلة معارضة أساليب التسيير وجرنا الى المعارك الصغيرة…

يريدوننا ان نقف على كل عجان ونقدم له النصائح الجاهزة في كيفية ادخال يده في الصحن وكم يستغرق وقت الخلط وعدد ضربات العجن دون ان تغبر او تصبغ ملابسنا بودرة الطحين ولا ان نقدم احترامنا للعرق الذي يتصبب من الجباه السُّمر،,,
يريدون ان يتحول كل شيء الى بيتزا إيطالية، وخبز فرنسي، كما في صور الملصقات والدعايات في وسائل الاعلام الغربية…
وككثير من الكتاب والمفكرين الحديثي العهد يعتبرون ان الكتابة الحديثة اذا خلت من النقد متخلفة ومهلهلة ورثّة، حتى ولو كانت معارضة للنبل وشهامته والخلق وعراقته، المهم هو التغيير ولو بعدسات واحداق تغير صبغة العين ولونها وتتحول العين الحوراء الى رمادية اسكتلندية شهباء…
كانوا يطالبون الكاتب أو المثقف أن يقف في الطابور البطيء الحركة، الذي يمشي بساعة اليوم الصيفي…
اليوم نحن بحكم الواقع أصبحنا، نحن الذين كنا ندافع عن أصل حبة القمح وتربة المنشأ، وطريقة الغرس الصحيح وعمق الجذر وماء السقي قلة، وأمسينا نحن آنيا هم المعارضة، اصبحنا نحن الذين ندافع عن الملحفة لا كقطعة قماش للزينة والرقص والتباهي، بل للستر والحياء وصون الهوية في قالبها الحقيقي…
نحن الذين آمنا أن المرأة العربية يمكن أن تحمل السلاح وتلبس الملابس العسكرية دون ان يخدش حياءها ولا يتحول بدل وسيلة لتسهيل الكفاح الى ملابس ضيقة تكشف ما تأبى عنه الجدات والامهات الكريمات العفيفات…
نحن الذين يوما كنا تخلينا حتى عن الدراعة وابدلناها في جبهات القتال بالبدلة العسكرية رمزا لروح القتال وهوية المرحلة ولم يهمنا من يوسمنا بان نتحول في نظرهم وتصورهم الى عقل متحجر فلم تكن تلك البدلة الا رمزا للمقاتل البطل الكريم النفس النبيل الخلق والذي يكرمك ويحتفي بك كما يفعل في بيته فهو السيد وخادم القوم هو سيدهم.
الدفاع عن الأهداف الكبرى أصبحت أهله نادرة قليلة والتي أهمها تلك السلالم والدرجات التي يجب أن لا نقفز من فوقها بل نرتقيها ونصعدها درجة درجة…
درجة الوحدة الوطنية هي الأولى
قال الشاعر المرحوم الحكيم بادي ولد محمد سالم في وصيته قبل وفاته:
يا الشعب السمعك مرفوعْ
لا دير الوحدة فانزاعْ
لا ترظي بيها مفكوعْ
ولا تصيفط بيها طمّاعْ
ثم بعد ذلك وحدة الهدف وسياسته وفكره وتقوية الجناح المسلح لجبهة البوليساريو جيش التحرير الشعبي الصحراوي
ثم الدفاع عن مؤسسات الدولة الصحراوية دولة كل الشعب الصحراوي التي سقطت قوافل الشهداء من اجل بنائها والعهد معهم يكون بالاعتزاز بها والحفاظ عليها بتقويتها وتمتينها وتطويرها..
وهكذا نصل الى التفاصيل الصغيرة اين يختبئ الشيطان كما يقال في طرق التسيير واساليبه والتي يجب ان تكون تعتمد على الواقع المعاش وطرق تطويره حسب الإمكانيات البشرية والمادية والخطط والبرامج المسطرة ابتداء من المؤتمر الشعبي العام، وكلما أنجزت كما ينبغي تقدمنا والعكس صحيح.
الأهداف الكبرى تبقى كبرى والاهداف الصغرى تبقى صغرى والطريق الرئيس يبقى هو طريق الشهداء والطرق الفرعية جانبية دائما.
وشعبنا ظل كبيرا بفهمه لمستقبله كقيمة عظيمة والذي لا يتم الا بتحقيق الأهداف الكبرى بوعيه وفهمه وبعقله الراجح وفهمه العميق الذي تكسرت على صخرته كل المعاول والمطارق.
شجرة الشعب الصحراوي ستظل تتساقط منها أغصان يبست، واوراق اصفرت.
رياح الصحراء لا تبقي الا من صلب عوده وقويت عزيمته وتجذرت عروقه.

الثلاثاء، 10 مايو 2022

الحديث عن جبهة البوليساريو في ذكرى تأسيسها...

 


الحديث عن 10 ماي 1973 كالحديث عن النار واللهب، كالحديث عن الشمس والضياء، وعن القمر والنور، كالحديث عن الجسد والروح، عن الفم والصرخة، وعن الطلقة والمقذوف، عن الشريان والدم المتدفق...

لا يمكن فصل الفكر عن رأسه الذي هو الشعب، ثورة الشعب، وخيار الشعب، وغضب الشعب، وحرية الشعب، وديمقراطية الشعب، وقناعة الشعب، وتصميم الشعب، وتضحية الشعب، وعبقرية الشعب، ونضال الشعب...

10 ماي بالنسبة للصحراويين ليس مجرد رقم وتاريخ وذكري إنه ميلاد لتنظيم شعب وتأسيس لمرحلة جديدة، بناء حديث، وتأسيس لفكر حديث...

لا يمكن الفصل بين الغرسة وشجرتها، 10 ماي هو تأسيس جبهة البوليساريو التي أذاب فيها الشعب الصحراوي كل أدوات المقاومة، سكاكين وحراب وبنادق وحتى حجار وحبال لينتج السلاح الحديث الفعال الذي هو صناعتنا كلنا ومن أجله حملنا كلنا نفس السلاح الذي له هوية واحدة هي الشعب الصحراوي وجبهته الصادمة جبهة البوليساريو.

الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب البوليساريو فخر الشعب الصحراوي والعلامة المميزة...

البوليساريو لم تعد عند جيلنا حركة بل هوية، وبطاقة تعريف، وجواز سفر، ولو كتبت بلغة الدول الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية فإن ثورة الشعب الصحراوي هي البوليساريو العقل الصحراوي والعبقرية والملامح والتقاسيم والصخرة التي تكسرت على صلابتها كل المعاول والمطارق والفؤوس ولا تزال تشق طريقها نحو النصر لا رياح الخيانة ولا عواصف الغدر ولا الضعف البشري ولا يمكن الاستحواذ عليها.

كل مرة يدخل الشعب الصحراوي في معركة المؤامرة ولا ينقشع الغبار إلا وفي يده سيفه البتار جبهة البوليساريو يضرب به يمينا وشمالا مقطعا إربا إربا حبال وشباك المكر والخديعة.

ليست المرة الأولى التي يتم التآمر من رزمة السياسيين المرتشين الإسبان، ولا أعوانهم ولكن التاريخ أثبت أن إرادة الشعوب لا تقهر والشعب الصحراوي أرادة أن يكون البوليساريو هي روح الشعب الصحراوي وإرادته وسيظل قويا ومهابا ما دام متحدا ومنفذا بدقة لخطط وبرامج واستراتيجيات تلك الجبهة والعكس صحيح.

درست تجربة الشعب الصحراوي في مدارس كل حركات التحرير أرتيريا جنوب السودان ودول الطوق، وظلت أقوى من المؤامرات التي تحاك تجربة مريرة إنسانية واجتماعية وسياسية وثقافية وحتى عسكرية وظاهرة قل نظيرها وندر ندها، لقد حافظت على مقاومة هذا الشعب القليل العدد الكبير الإرادة الحسن التنظيم والتكوين والإعداد، فلم يكن الإحصاء الإسباني 1974 قد احصى عدد الصحراويين بأكثر من 74000 صحراوي في مواجهة جيوش جرارة وتآمر دولي ضخم.

اليوم البوليساريو والدولة الصحراوية تتجه بقوة وعقل وحنكة ولديها تجارب من الخبرات لا مثيل لها، ولديها من الثقة في نفسها والهمة والشجاعة أكبر من كلمات المثبطين الضعفاء والمتساقطين الهزل، فهنيئا لشعبنا بذكراه وبطريق الحرية ودرب الرجولة والنبل الذي اختاره وقدم خيرة أبنائه من الشهداء الأبرار ولا يزال العدو المختفي يحترق بنار القنوط فقد فات الأوان وحركات المؤامرات ستظل ارتدادات لنكستهم وهزيمتهم.

لقد أدى صمود الشعب الصحراوي ومقامته الباسلة بالملك وحاشيته الى بيع بنات وأبناء الشعب المغربي في سوق النخاسة وباع ارض المغرب للغرباء وأخيرا بعد العرض باع الدين، ومن أجل محاولة كسرنا تآمر من الشياطين ومع الصهاينة ولكن لم يزدنا ذلك إلا يقينا في قرب النصر، فما بعد الأرض والعرض والدين إلا الانتحار الوشيك...   

بقلم حمدي حمودي

السبت، 19 فبراير 2022

الداخلة المدينة الساحرة... الواقعية في الصحراء الغربية...


الكثير من النور يتدفق في شوارع الداخلة المحتلة، ليلة بيضاء من الأقمار والنجوم ضاءت مضغة القلب التي سودتها عتمة المحتل قبل أن تنير شارع الداخلة الطويل، الكثير من إشعاع الحرية يتموج راقصا كما تتموج وتنكسر أمواج الشاطئ الغني الفاتن.
شبه الجزيرة الساحرة "الداخلة المحتلة" المكبلة بقضبان الاحتلال الغاشم، تبرق هذه الأيام وتهب فيها نسمة الحرية على النفوس المغمومة، شيء من الألم في فقدان فلذة كبد، يخرج كل الآلام الحبيسة منذ زار شبح المحتل المغربي، وشياطينه الغزاة تلك الأرض البيضاء العذراء الطاهرة، التي أخرج أغلب سكانها وهجروا بعيدا في الفيافي والأراضي البعيدة لكي يعودوا أحرارا في أيديهم عرش الغار أو يموتوا أحرارا في ميادين الشرف وساحات القتال.
"يا شهيد أرتاح أرتاح سنواصل الكفاح" كلمات تصدح بها الافواه، فليس هناك بيت صحراوي لم يفقد شهداء ولم يقدم على مذبح الحرية الثمن الأغلى من أبنائه في سبيل الكرامة والعزة.
"واحد واحد شعب الصحراء واحد"، هو المعبر الصريح أن الدماء التي تدور في الشرايين يضخها قلب واحد.
القنوط يسود وجه المحتل ويكشف وجهه القبيح، فمن جهة انطلق الكفاح المسلح، وجيش التحرير الشعبي الصحراوي يدك حصونه يوميا ويقتل جنوده وضباطه بالجملة، بيانات ساحات القتال تسمي الضباط والجنود بالأسماء والرتب هذا الكولونيل فلان وهذا النقيب وهذا الرقيب وهذا المساعد وهذا الجندي علان لقي حتف أنفه تحت ضربات الأبطال.
ومن جهة أخرى ها هي العيون الصحراوية في كل المدن تبرق بريق النصر، في بوجدور يتجذر النصر فوق منزل سلطانة ومن بيت عائلتها المناضل تبزغ شمس الحرية مشرقة ساطعة، وفي شارع السمارة وكل الشوارع في العيون المحتلة تتمركز عربات الشرطة والدرك والقوات الخاصة خوفا ورعبا من علم يُرفع أو صوت حرية يُصدح.
وفي السمارة التي تسمع بين الفينة والأخرى صوت أقصاف مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي لا تنام إلا وهي تحلم بالمقاتلين وهم يدقون باب كل بيت.
شبح الموت والهزيمة يعشش في قلب كل محتل، وحدة الشعب الصحراوي وإصراره على انتزاع حريته أكبر من كل المؤامرات والخداع والتكتيكات الآنية.
الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية هي الواقعية الحقيقة التي لا تغيب ولا تغيّب وسيظل علمها مرفرفا عاليا يتقاطر بدماء الشهداء الذين سقو الوطن بدمائهم الطاهرة.
وبالأمس رفع عاليا في قلب أوروبا وكر الاستعمار وعرينه.



مجلة النجم

  مجلة النجم