يحررها حمدي حمودي

يحررها حمدي حمودي

الثلاثاء، 5 مايو 2015

ممن عرفت من الاباء

          عرفت في من عرفت خالا لي , اعتقد انني لم ار رجلا يشبهه  في الشكل ابدا و لا في دماثة الاخلاق و لا قوة الشخصية و لا  في اسلوب الحديث اللهم الا  ما اسمعه عن العرب الاوائل او ما يدور في خيالي عن صفاتهم و كانه حط من الزمن السالف لاراه في زمننا هدا...
       غير انني تعرفت عليه في اواخر العمر و لم احتك كثيرا باهله غير ان الحديث الذي اذهلني انه قال لي بانه اول من امتلك شاحنة في الصحراء " كميون" و يستطيع ان يفكه قطعة قطعة و حده و يرَّكبه وحده , علّم احد ابنائه السياقة و هو لا يزال صغيرا على ما اذكر في السابعة من العمر , و انه اول من كان له طريق خاص سميّ باسمه يربط بين الجزائر و الصحراء الغربية و موريتانيا .
            هذا الرجل الطويل , الممتد العرض و ان تعرفت عليه طريح الفراش الا ان هيكله العظمي يخبر عن جثة ضخمة , عيناه الكبيرتان المتأملتان الفاحصتان الجاحظتان قليلا كقبضتي ملاكم  تحيي فيك الرهبة و الاستماع و الوقار و جهه  وجه واسع رجوليا شفتاه تنفتحان عن اسنان بيضاء كبيرة  فيها نقاط بيضاء كانها صفائح من المرمر الابيض فيه نقاط لبنية جميلة خشونتها لا تخفي الجمال و لا العناية التي حفظت قوتها اعتقد انني تأملت قدر المستطاع و ان لثته كانت سوداء او شبه سوداء , شعره المجعد ذو  الصلع الخفيف لا يزال يحتفظ ببعض السواد و لا اذكر اذناه لكن بالنسبة لرجل مثله لن تكونا صغيرتان.
                    المذياع الذي لا يكاد يختفي تحت يدي الميكانيكي التقليدي, و اذاعة "البي بي سي " و "فرانس انتر" و " الاذاعة الصحراوية"و اذاعة الجزائر " هو فقط ما يستمع اليه لا غير,
      في 15 من عمري تقريبا كنت اتأمل الرجل لست اعرف ان ستتغير نظرتي اليه ان رأيته الان في عمر الرجولة , غير انه لن تتاح لي تلك الفرصة الا في الاخرة في جنة الرضوان ان شاء الله .
     كان قليل الكلام , لكن كلماته تحوم قرب العقل و القلب و تحط و تتجذر , ربما قد عرفت كثيرا من كبار السن غير ان الرجل كان متميزا  و كانت الحكمة تشع من جوانحه و الابوة او صفة الجد الحنون كانت تعبر عنها الاطفال الكثر الذين يجتمعون اليه و يتنافسون في الاقتراب من فراشه المحترم الوثير ,
     كان قد سألني يوما عن احد الزملاء الذين كانوا يزورونه برفقتي , فقال له من انت قال انا فلان فقال ابن من قال فلان قال كفا عمك هو من بنا لي داري في تيندوف زمن كذا و كذا ... من الطين ...كان يبتسم ...و انقطع صديقي عن الاتيان معي اليه  فقلت هل عرفته يا الداه قال نعم ... ثم اردف يا ولدي نحن كنا نتعجب من رجل يجلس معه رجال و لا يستطيع ان يحدد "اصديقه من اعدوه" صديقه من عدوه دون ان يتكلم احد.
توفي الرجل الشيخ المناضل و الوطني المسلم رحمة الله عليه في مخيمات اللاجئين الصحراويين...
   له من الرجال اثنان رحمهم الله مقاتلان محمد سالم و لحزام ابناء امحمد باب يوسف...
      على العهد اتوا و بنية الجهاد رحلوا فلا نامت اعين الجبناء...



  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلة النجم

  مجلة النجم