يحررها حمدي حمودي

يحررها حمدي حمودي

الخميس، 19 مارس 2020

الى زملائي في القسم..."2"


الرياح التي لا تهدأ الا قليلا في تلك السنوات، تنقل الكثبان الى خارج الباحة الرباعية لساحة المدرسة، السور الابيض القصير يحيط بالعلم الذي يتموقع في منتصفه تماما محددا ساحة اخرى هي ساحة العلم، حيث يتجمع كل صباح كل من بالمدرسة على شكل كراديس جيدة التنظيم لتقديم تحية العلم.
ومن فتحات الساحة يتجه كل صف بخطوات موزونة الى قسمه لتلقي الدراسة، أو حصص التدريب العسكري أو الرياضة،،،

ستكون المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء الاسهل لدينا حينما توجهنا لاحقا لمواصلة الدراسة الثانوية في دول أخرى
المستوى عال جدا والاساتذة ممتازون وجادون، أما النحو والقراءة والاملاء فغرفنا من مدرسة 9 يونيو وملانا القرب.
كانت الاضافة التي لن نتعرف عليها الا لاحقا هي دروس السيرة النبوية التي كان استاذها الوحيد يدرس عن ظهر قلب مجلدات "السيرة النبوية لابن هشام" يحفظها حرفا حرفا وكلمة كلمة... من آدم الى وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الادوات والكتب توزع مجانا المنهج صحراوي كله، التاريخ والجغرافيا لا تسأل عن الخرائط والدول والسكان والمباريات المستمرة في اسماء العواصم والدول المجهرية.
في الليل يبقى قليل من الوقت المستقطع، في محاورات الشعر والابيات التي حفظها الجميع بعد المراجعة الليلية التي كنا نكرهها أيما كره.
في عمر الشباب عمر البراكين المتفجرة التي لم تشكل جزرها ولا نهاية لاشكال يابستها، في ذلك الجو المشحون بالمعنويات العالية، والانفعالات والصداقات ورسم خط السير الموجه لها، حين يبدا الانسان يشكل رزمة الرفاق في لعبة التجربة بالخطا والصواب، التي سيلعب القدر لعبته الكبرى في نهاياتها.
ربط حبال العلاقات الاولى بين الرفاق ليست بالشيء السهل، انها حقل الغام له ادواته ومعداته، الميول والمصالح والاشياء الصغيرة الاعمار المتقاربة والعادات والقدرات والمهارات اليدوية واللفظية وحتى الميولات الذاتية، والاهتمامات وتدرج الاولويات, وعوامل اخرى دقيقة، كالذكاء الدراسي والاجتماعي، وامور كثيرة صغيرة ودقيقة ومعقدة الوصف والتتبع، لكنها في وجدان الانسان وروحه لها دور كبير في تكوين شخصيته وبناء نفسه، خاصة في غياب الاب والام واحيانا الاخوة، حيث تتشكل صور من العلاقات يكون للانسان الكثير من الحرية ومساحة من المسؤولية الذاتية ، ربما تكون إيجابية وربما تكون سلبية، انها اشياء لا نفكر بها بهذا الشكل آنذاك، لكننا نمارسها بشكل تلقائي كرفاق وزملاء ليس لنا الخيار الا ان نبقى مع بعضنا ونتعايش.
مثل الرياح تماما تتشكل تلك العلاقات المتقلبة ومثل جو الحمادة تسخن الى اعلى درجات وتبرد ولكنها علاقات متغيرة في كل مرة كالكثبان الرملية بنسيج واحد وبأشكال مختلفة يفهما الرفاق وتحركها قدرة الخالق جل وعلا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلة النجم

  مجلة النجم