يحررها حمدي حمودي

يحررها حمدي حمودي

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

الحرية في الصحراء الغربية ميراث الاجداد

      الانسان الصحراوي عندما يقف على جبل من جبال الصحراء او على كثيب عال و يري انسياب انبساط الارض و شساعتها تحت قدميه … يحس بالحبور و السرور و الغبطة تملا عليه جوانح نفسه … و ربما مد ذراعيه لاحتضان املاكه التي تضيق زاوية ذراعيه عن تحديدها مهما حاول فتح و توسيع الزاوية بين الذراعين…..كل الارض التي يمرر عليها عينيه فاحصا و متاملا و التى لا يقف في وجه تمددها و اتساعها الا الافق… هي ملكا له …نعم كلها بيته و مسكنه و مرتعه و مقامه … يمكن ان يختار اي بقعة … اي واد …اي فرع منه… دفئ او ظل اي شجرة طلح او غيره … و اي جرف… و اي منبسط او ملتو …و اي سهل و اي وعر… و يمكن هكذا جزافا ان يغمض عينيه و يمد اصبعه ثم يختار عشوائيا اين يحط ركابه و اين يحدد مبيته او مقيله …. و هو هكذا دائما بكل تلقائية يختار اين ينصب خيمته … يختار اطهر الاماكن و انظفها و احبها الى روحه … حياته تتجدد يوميا لا يقربها الملل و لا الروتين لا يكدر صفوها شيئ و لا ينغصها عليه متطفل … و تنقله في بلاده و اوكاره كالطفل مع العابه لا يمل لعبة الا ليختار اخرى و سعادته و غبطتة لا تشبه الا سعادة و غبطة الاطفال…. …

        اما اذا راى خيمة او راكبا فذلك المنى له ولهم… سوف ينزل الراكب الى الخيمة فيجد البشاشة و اهلا و سهلا و اخواتها و ترحاب لا يكاد ينتهي … من الرجل من المراة من الطفل و ممن عندهم… و لا ينتهي الترحاب الا و قد جيئ باللبن و التمر و الشاي و الشواء… و في جو من التلقائية و المرح المؤدب الجميل يتسلى الجميع و ينخرط في الاستمتاع بالاخبار و الحكايا حسب عمر الشخص و مكانته و ثقافته و يودع الجميع مرغما يوما من ايام العمر السعيد و الحياة العذبة في الصحراء و ليبيت مطمئنا هانئا فالعرف و المثل الصحراوي يقول ان “من بنى خيمة فليست له و حده بل لضيف الله ” لمن ليس لديه اين يبيت ؟؟؟

        اما اذا اتفق ان من رآه راكبا اخر فسيجد رفيقا رفيقا و سيتسابقا و يتنافسا كل يريد ان يكرم الاخر و يظهر من اي فرع نبت في حسن الخلق و الرفقة الحسنة و ربما تحولت الى صداقة من صداقات العمر التى لا تزول اثارها و لا تمحى بصماتها…

   لقد وهب الله للانسان في هذه الربوع  بيتا واسعا و ضخما باتساع قلبه و طيبته و كرمه و تسامحه … كل شيئ كبير في ارضه حتى الشمس عندما تشرق تشرق ضخمة كبيرة …. و حتي القمر يعز عليه ان لا يقترب ليسمع حكايات اهل الصحراء الجميلة

  يكبر ليضيئ لياليهم و دروبهم…. اما النجوم فتبدو كالجواهر المنثورة مصابيحا تتدلى و لا ترى النجوم كبيرة مضيئة كما هي     ان الله تعالى وهب لهذا الانسان هذه المشاهد المدهشة تزدان بها حياته و تشرق انوار التفكير و التامل في نفسه…. فكان مسلما حق الاسلام… اسلام طهارة القلب …قبل الجوارح … صدوقا … مسالما … و جوادا و وفيا و مرتاحا لقضاء الله و قدره و تلك لعمري هي السعادة في قممها العالية ……. و ظل الصحراوي يتعمق لديه ذلك الشعور العميق بامتلاك النفس… امتلاك المصير … و امتلاك الخيار… هو ما نسميه نحن اليوم و نطلق عليه كلمة الحرية….. فشتان بين من لا يعرف السعادة و الحرية الا من خلال حروف يسطرها معلم على سبورة …. و بين من رضعها من ثديي امه…. و لم يكن الانسان الصحراوي تبعا لاي كان و لا يرضى بمنح ما اعطاه الله من نعم و لا التنازل عنها و لا تبديلها ….لانها حياته و غيرها حياة اناس اخرون……. و اعجب ما اعجب له هو ظاهرة الارتماء و التحلل و الذوبان و الانصهار في ثقافات الغير… و الانبهار بها لانه العمى و لا عمى كعمى القلب و البصيرة سبحان الله و هل هناك اجمل و اطهر و احسن من حياتنا و ثقافتنا …؟؟؟ و لو سلطنا الضوء قليلا على حياة غيرنا الذين يعيشون كل اعمارهم محشورون كخنافيس مراحيضهم في المدن المكتظة المليئة بالمنغصات لافسدت علينا كلامنا و لتقيانا اكثر مما حللنا و فصلنا …. ان غيرنا يرى شساعة و طهر و تفرد ثقافتنا و يحاربها بشتى ما اوتي من قوة و ما تحريمه لبناء الخيمة في الصحراء و ان كان يبرره باحداث “كديم ازيك” العظيم  و لكنها في الحقيقة اعمق من ذلك انه حرب على احدى رموز ثقافتنا العظيمة الخيمة التي هي مما يميز هويتنا الحضارية…. و نحن دوما نطرح السؤال ماذا يميزنا عن غيرنا ؟؟؟؟ سؤال يجب على الكاتب الصحراوي ان يكشف عنه دائما الغطاء و يبرزه و يجلو عنه الغمامة و الغشاوة

نشر هنا



          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلة النجم

  مجلة النجم